طالب مراد
موتمر الطب البيطري العربي الثلاثون -القاهره - مصر
12-14 مايو\ايار 2014
أثناء انعقاد
الجلسة ال 49 لمجلس منظمة الاغذيه والزراعه
(الفاو) في روما اكتوبر\ تشرين الاول1967 طالب ممثلو دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا بتشكيل
هيئه للانتاج والصحه الحيوانيه في اقليمهم اسوة بالمناطق الاخرى من العالم مثل
افريقيا وجنوب شرق اسيا واوروبا و امريكا الجنوبيه. وبالفعل وافق مجلس المنظمه
بقراره المرقم 3-49 على تشكيل الهيئه على ان يكون مقرها القاهره.
كتب المدير العام لمنظمه (الفاو)
في يوم 8 اغسطس \ اب 1968 للدول المعنيه مناشدا اياهم للانضمام للهيئه, وطالب
المدير العام دول منطقة الشرق الادنى (شمال افريقيا والشرق الاوسط) بالردعليه
كتابة في فتره زمنيه اقصاها 23 سبتمبر\ ايلول 1968ولكن حتى 1 يوليو\ تموز1975 لم
يرد على طلب المدير العام سوى دولة تونس بالموافقه.
ونظرا للسلبيه وربما الاهمال في هذا الصدد
لذا ألغيت الفكرة من قبل نفس المجلس الذي وافق سابقا على انشاء الهيئه ذالك
اثناء الجلسه رقم 83 لعام 1983 وضمن
الفقرتين 270 و271 وبهذا خرجت الفكره نهائيا من حسابات الفاو.
وبعد استلامي وظيفة المستشار الاقليمي للانتاج
والصحه الحيوانيه للشرق الادنى أحييت فكرة انشاء الهيئه وقدمت ا قتراحا بذلك للمؤتمرالوزاري
الإقليمي الخامس والعشرين للفاو ال 25 في بيروت
عام 2000 ووافق عليه وزراء الزراعة بالإقليم وكان عددهم 25 وزيراً حاضرا في الموتمر. وللحقيقة لم تتخذ أية خطوة
جادة وبشكل فعلي تجاه هذا القرار، وكان قرار الموتمركافيا لاستمرار الوضع على ماهو
عليه حتى انعقاد الموتمر الوزاري السادس والعشرين في طهران عام 2002. تبنى موتمر
طهران نفس التوصية ضمن التوصيات المنبثقة عن المؤتمر وبحضور أكثر من عشرين وزير
زراعة بالمنطقة . وتكررت نفس الدوامه والحلقه المفرغه في المؤتمرالوزاري الإقليمي السابع
والعشرين بالدوحه 2004، وفي كل موتمر يوافق
الأعضاء على القرار لكن لايدخل حيز التنفيذ.
واستمرت الحاله حتى مؤتمر الثامن والعشرين في
صنعاء عام 2006 . ولكن في هذا الموتمر اتفق الحاضرون على ضرورة حث دول الإقليم على
اتخاذ الإجراءات المناسبة للموافقة على إنشاء الهيئة الإقليمية لصحة الحيوان في
الشرق الأدنى وشمال أفريقيا كما طالب المؤتمر منظمة
الفاو بضرورة مواصلة جهودها من أجل إنشاء تلك الهيئة. وبناء على ذالك كتب
المدير الاقليمي للفاو والمقيم في القاهره للدول الاعضاء مطالبا اياهم بالموافقه
كتابيا على القرار الذي اتخذوه في اليمن.علما بان الهيئات المماثله يشترط انشائها
اربعة دول فقط. وبناء على ذالك وافقة كتابيا
12 دولة من اصل ثلاثين دوله بالإقليم على إنشاء الهيئة
المقترحة،. والغريب أن دولا مثل السودان والسعودية تحججت بعدم وجود أي خلفية لديها
عن هذا المقترح (رغم مرور أربعين عاماً عليه) ولهذا لم يستطيعوا اتخاذ أي قرار
بهذا الشأن لعدم توافر المعلومات الكافية عن هذه الفكرة لدراسة الموضوع بشكل جيد.
والسؤال هنا: كيف لا تعرف مثل هذه الدول أية معلومات عن
إنشاء هذه الهيئة ؟ بالرغم من تأكيد المدير الإقليمي للفاو بالقاهرة على إخطار
الدول الأعضاء بأهمية هذه الهيئة ولم توافق سوى 12دولة فقط ولهذا تم إخطار دول
الشرق الأدنى مجددا لإعطائها فرصة أخرى للموافقة على هذا المقترح. ألم يحن الوقت
لإنشاء هيئة إقليمية للصحة الحيوانية بالشرق الأدنى خاصة أن أمثال هذه الهيئة
موجود بالفعل في جنوب شرق آسيا وأوروبا وأمريكا الجنوبية وأفريقيا؟ ونحن في الشرق
الأدنى نكتفي بدخولها حيز التفكير منذ أربعين عاماً، وينبغي هنا ألا نغفل الجهود
المصرية والجمعية البيطرية المصرية التي لولاها ماعقد اجتماع واحد بوزارة الزراعة
واستصلاح الأراضي بالقاهرة حول هذا المقترح. ومازلت أؤكد على ضرورة إنشاء مثل هذه
الهيئة في الإقليم نظراً لعلاقتها الوثيقة بصحة المجتمع والأمن الغذائي خاصة في ظل
تكرار الأزمات المتعلقة بالأمراض العابرة للحدود كالحمى القلاعية،حمى الوادي
المتصدع وأنفلونزا الطيور والتي نلاحظ آثارها يومياً على الأمن الغذائي والاقتصاد
القومي لاسيما وأن الثروة الحيوانية مهمة جداً للإقليم كونها أساس الأمن الغذائي.
وإقليم الشرق الأدنى بالأخص في أشد الحاجة لهذه الهيئة
نظراً لزيادة التجارة البينية للحيوانات ومنتجاتها يوما تلو الآخر.. ففي كل مرة
تنتقل الحيوانات من داخل الإقليم أو خارج الإقليم يصحبها انتقال للعديد من
الأمراض.. فضلاً عن أنه يتم استيراد أكثر من 70% من البروتين الحيواني من خارج
الإقليم كنتيجة طبيعية لنقص الثروة الحيوانية بالدول العربية عن دونها من دول
الإقليم . وأسباب هذا النقص كثيرة من أهمها الجفاف وقلة الأراضي الرعوية ونقصها
المستمر فضلاً عن زيادة استهلاك الإنتاج الحيواني بالمناسبات الدينية بالإضافة إلى
كثرة الأمراض العابرة للحدود في المنطقة،ويأتي هذا المقترح على سبيل المثال لأعلى
سبيل الحصر... وقد تطرقت إلى هذا الموضوع بالتحديد نظرا لعلاقته بالأمن الغذائي
والذي تنظر إليه بعض دول العالم بأنه ذات أهمية كبيرة عن مسألة الأمن القومي..
ويتبادر إلى ذهني تساؤل آخر... ما مدى فاعلية دور وزراء
الزراعة بالإقليم في هذه المؤتمرات ؟ خاصة وأنهم لا يحضرون سوى عدة ساعات وبعدها
يغادرون إلى بلادهم.. فهل يعقل أن هذه المدة تكفي لمناقشة أهم الموضوعات والقضايا
الخطيرة بالإقليم ؟
وأتحدث عن هذا الموضوع بالتحديد بناءً عن تجربة شخصية
وبحكم منصبي سابقاً كمسئول إقليمي لإنتاج وصحة الحيوان بالقاهرة وممثلاً للفاو في
الصومال أثناء الحرب الأهلية.. فقد حضرت المؤتمر الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية
في أديس أبابا 2006، والذي ناقش فيه وزراء الصحة خلال أربعة أيام كل البنود
والأفكار المقترحة وما تم انجازه منها وما يتطلبه لإتمام هذه القرارات كما توصلوا
إلى قرارات في غاية الأهمية حول الميزانية وأوراق العمل المقترحة التي سيتم
مناقشتها خلال المؤتمر القادم. ولهذا فهم أصحاب القرار الأول والأخير . في حين أن
مؤتمر وزراء الزراعة بالإقليم يعقد بعد ثلاثة أشهر من المؤتمر العام للفاو والذي يعقد في روما ويحضره وزراء الزراعة
كل عامين.. فما الفائدة من المؤتمرات الإقليمية إذا كانت القرارات قد تم اتخاذها
بالفعل؟ وما الجديد الذي تضيفه حقاً المؤتمرات الاقليميه لوزراء الزراعة ؟ وما هو
دورهم بعد اتخاذ القرارات بالفعل؟ خاصة وأن مثل هذه المؤتمرات تكون كلفتها على عاتق بعض الدول الفقيرة في الإقليم وتنفق
الكثير من ميزانيتها علي هذه المؤتمرات والمنعقد
بشكل روتيني والذي يعتبر من وجهة نظر الكثيرين “عديم الفائدة”.
بالنسبة لقضية أنفلونزا الطيور التي تؤرق العديد من متخذي
القرار والشعب المصري وتمثل خطرا كبيرا علي الأمن الغذائي والقومي وبحكم مسئوليتي
عن هذه القضية اعترف أن الفاو لم تنفذ الدور المطلوب منها و المكلفة به لمكافحة
هذه الأزمة، خاصة وأنها قد أوصت مصر في بداية الأزمة بضرورة القضاء علي كافة
الدواجن (وهذه التوصية جاءت من روما على بعد ألفي ميل) ولكن لم تنفذ هذه التوصية
لأنها كانت ستسبب كارثة اقتصادية في مصر و مستحيلة التنفيذ وذلك لما تمثله من
خطورة وتدمير للأمن الغذائي المصري.
ونهاية القول فمازال لدي أمل كبير في إنجاح هيئة الصحة
الحيوانية في المنطقة بفضل الأخوة المصريين والأطباء البيطريين والذي يبلغ عددهم
أربع مرات عدد كافة الأطباء البيطريين العرب.
No comments:
Post a Comment