Friday, 29 March 2013

خبير سابق فـي الـ«فاو» لـ« العالم »: الأتراك طرحوا المياه كسلعه

تخوف من فقدان حوض دجلة والفرات 144 مليار م3 وبناء 28 سدا على الرافدين وتحول شط العرب الى بحر
خبير سابق فـي الـ«فاو» لـ« العالم »: الأتراك طرحوا المياه كسلعه
اسطنبول: قراس السعدون
 العالم :28.3.2013
منتصف الأسبوع الماضي حلت "العالم" ضمن وفد عراقي في فندق بولات الراقي في الشطر الأوروبي من اسطنبول لتشارك في اجتماع "السلام الأزرق في الشرق الأوسط".
وعند مساء الأحد كان كل من بختيار أمين وزير حقوق الإنسان الأسبق، وزوجته صفية السهيل عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، والبروفسور طالب مراد مستشار شؤون الزراعة والأمن الغذائي في حكومة اقليم كردستان والخبير السابق في "فاو"، إلى جانب الإعلاميين زهير الجزائري واسماعيل زاير وغادة العاملي ومحمود المفرجي وستران عبد الله وهيوا محمود عثمان وفراس سعدون، يحضرون أمسية تعارف مع وفود خبراء المياه والأمن الغذائي وكذلك الإعلاميين القادمين من بلدان عربية وأجنبية عديدة فضلا عن تركيا المضيفة.
وفي صباح اليوم الثاني كان عشرات المدعوين للاجتماع يتوجهون الى مقر جريدة زمان حيث عقدت جلسات متعاقبة تحدث فيها حوالي 40 شخصية عن تصوراتهم حيال أزمة المياه في المنطقة. ولم تنته الجلسات حتى العاشرة والنصف ليلا.
اليوم الثاني كان أخف وطأة حيث اختتمت جلساته عند الخامسة عصرا لينتهي بختامها الاجتماع الذي يعد مكملا لاجتماع سابق عقد نهاية تشرين الأول من العام الماضي في مجلس اللورادت البريطاني وكان برئاسة الأمير الحسن بن طلال.
وفي الجلستين كان الأتراك يدفعون باتجاه اقناع المشاركين في الاجتماع بأن "الماء سلعة تباع وتشترى" لكن طرحهم هذا جوبه بردود كان حصة الأسد فيها للوفد العراقي.
واغتنمت "العالم" فرصة تواجد البروفسور طالب مراد، وهو خبير متقاعد في منظمة "فاو"، لتتحدث معه بشأن الإجتماع، والتوجه التركي ازاء أزمة المياه، وتهديدها للعراق، والمخاوف التي تعتمل داخله تجاهها، إلى جانب الحلول الممكنة للأزمة.
ويقول مراد ان "الاجتماع هذا مدعوم ماديا من سويسرا بالدرجة الأولى وبريطانيا بالدرجة الثانية لحرصهم على عدم تفجر أزمة مياه في المنطقة".
وبشأن أبرز ما طرحه الأتراك في الاجتماع يبين أنهم "جاؤوا بموظفين متقاعدين لديهم أفكار قديمة ومنهم (دوغان) الذي أصر على أن المياه سلعة تباع وتشترى وهذه قضية خطيرة جدا". واستدرك "لكن معظم الذين تحدثوا في الاجتماع كانوا ضد فكرة أن تكون المياه سلعة باستثناء محمد شطح وزير المياه اللبناني السابق ويظهر أن لديه مصلحة في الموضوع".
والتقى الوفد العراقي شطح في لوبي فندق بولات صباح اليوم الثاني من الاجتماع وأخبروه بأن تأييده للأتراك كان خطأ وقد ألقى بذلك "بنزينا على النار التي ولعها الأتراك". وسأله أعضاء الوفد إن كان موقفه يمثل موقف الحكومة اللبناني أم موقفه الشخصي فرد بأن ما طرحه يمثل "أفكاره الخاصة".
وأتاح الأتراك لشطح أن يعتلي منصة منفردة في جلسة مساء اليوم الأول من الاجتماع بعد أن اعتلتها الأميرة الأردنية سمية ابنة الأمير الحسن بن طلال، في حين لم يتيحوا لبختيار أمين، رئيس الوفد العراقي، التحدث عبر المنصة.
ويرى مراد أن "التوجه التركي في الاجتماع سيمثل توجه تركيا الرسمي".
وفي مداخلة له، باليوم الثاني من الاجتماع، تحدث البروفسور مراد عن زيارة وزير الاقتصاد التركي الى الإمارات العام 2011 وعرضه على الاماراتيين شراء 1.8 مليون هكتار (حوالي 7 ملايين دونم) من الأراضي الزراعية في المنطقة الكردية من تركيا. وقال ان هذا العرض يعني أن هذه المساحة ستزرع وستسقى من مياه دجلة والفرات.
ورد عليه دوغان بأن المساحة  1.2مليون هكتار لا  1.8، فأجابه مراد "ولو كانت دونما واحدا". ثم تحدث عن زيارة مشابهة لوزير الزراعة التركي الى السعودية لتقديم نفس العرض الذي قدم للاماراتيين.
ويعتقد مراد "بما أن الخليجيين موجودون وعندهم دولارات فسيشترون الأراضي".
ويجد أن "الصفقة يمكن أن تتم، والآن الظروف مواتية اذا تحسنت العلاقات بين الأتراك والبككة PKK(حزب العمال الكردستاني)".
ويفسر دافع الأتراك لبيع هذه المساحات من أراضيهم للخليجيين بـ"الفلوس، فهم يتكلمون عن 300 مليار دولار".
ويعرب مراد عن مخاوفه الشديدة من أزمة مياه في العراق. ويقول إن "منظمة ناسا نشرت قبل أيام خبرا خطيرا جدا مفاده أن حوض دجلة والفرات فقد في السنوات السبع الماضية 144 مليار م3 من المياه بذهابها الى الجوف أو تبخرها أو هدرها". ويعقب "هذه كمية هائلة. هذا أولا، وثانيا السدود الموضوعة على الفرات في تركيا 22 وفي سورية 5 وتأثيرها خطير جدا. وفي الأشهر القليلة سيفتتح الأتراك سيد اليسو على دجلة الذي يقلل كميات المياه داخل العراق من 20 مليار م3 الى 9 مليارات م3".
ويحذر مراد من أن "قلة المياه هذه ستؤدي الى قلة المياه التي تصب في شط العرب ما يعني عودة المياه المالحة من الخليج الى الشط فيتحول شط العرب الى بحر".
ولم يحدد موعد لانعقاد اجتماع "السلام الأزرق" المقبل، لكن الوفد العراقي قرر الاجتماع في آيار المقبل ببغداد.
ويأمل مراد أن تشكل "لجنة مياه دجلة والفرات على غرار لجنة الدانوب والراين والنيل". ويفضل أن "تكون اللجنة العراقية منضوية تحت لجنة أكبر تشمل تركيا وسورية".
ويعتقد مراد، الذي عمل 25 عاما خبيرا في منظمة "فاو" الدولية، أن "حل أزمة المياه في العراق تركي – عراقي، فالعراق لديه أسنان تجارية لكنه لا يستخدمها. أردوغان منذ سنة ونصف وقع 48 اتفاقية في بغداد لكن العراقيين لم يقولوا له أين ماؤنا، ونفس الأمر مع ايران التي تقطع 24 نهرا علينا فلا يسألهم العراقيون عن السبب مع أننا نستورد منهم ما قيمته 12 مليار دولار حاليا وهم لديهم مشاكل في الحصول على الدولار.. العراق صاير (حايط نصيص).
وعن مشاكل المياه داخل العراق ومنها تلوثه وهدره فيعلق بأنها "أكبر من خارج العراق. نحن دولة لا تعطي الأمن الغذائي أهمية قصوى، في حين أن أمورنا لا تصلح إلا بإيلائه الأولوية فهو لا يقل خطورة عن الأمن القومي للبلد".


No comments: