Thursday, 2 August 2012

مصر تواجه حرب مياه :حرب المياه فى العالم العربى

المصدر:الأهرام العربى
بقلم: العزب الطيب الطاهر

حرب المياه فى العالم العربى ليست مستبعدة لكنها واردة، وثمة عوامل كثيرة تصب باتجاه تأجيجها، إن لم ينتبه العرب والذين ما زالوا خاضعين لعوامل الانقسام والتشظى وعدم التوافق على إستراتيجية مائية موحدة تجعل مواقفهم التفاوضية قوية فى مواجهة الأطراف الأخرى التى تعمل بكل قوة خاصة الطرف الإسرائيلى على التهام الموارد العربية المائية أو على الأقل محاولة التأثير على حصصهم.
وتبدو إشكالية المياه فى العالم العربى بالغة التعقيد فى ظل ما يحيط بها من عوامل داخلية وضغوط خارجية، فضلا عن غياب الرؤية الوطنية أو بالأحرى القومية وفى محاولة لاستشراف آفاقها واستعراض الخيارات المطروحة للتعاطى معها كان هذا التحقيق.
وفى رأى الدكتور محمود أبوزيد وزير الموارد المائية والرى الأسبق فى حديثه لـ "الأهرام العربى" أن إمكانية نشوب حرب مياه فى المنطقة العربية واردة وفى المشرق تحديدا بين إسرائيل وجاراتها، لكنها مستبعدة فى الجنوب خاصة بين دول حوض النيل، وتقل احتمالاتها كثيرا فى الشمال أى بين تركيا من جانب وكل من سوريا والعراق من جانب آخر.
ويتوقف بشىء من التفصيل عند منطقة حوض النيل التى تابع عن كثب من خلال منصبه الوزارى وخبرته الطويلة، تفاصيل أزمتها وتداعياتها قائلا : المعضلة الرئيسية تتمثل فى أن المياه متوافرة فى هذه المنطقة بيد أنها غير مستغلة على النحو المطلوب فهناك 1660 مليار متر مكعب تتساقط على أراضى هذه الدول أمطارا ولا يستغل منها سوى 5 فى المائة فقط .
- وأسأله : لكن ألا تقود الخلافات التى وقعت بين دول المصب ودول المنبع إلى إمكانية نشوب حرب ؟
يجيب الدكتور أبو زيد: لا أعتقد مطلقا فى حدوث هذا الخيار ولعلك تشير إلى التهديدات التى وجهها الرئيس المصرى الأسبق أنور السادات إلى إثيوبيا فى ثمانينات القرن الفائت فى حال تقليص حصة مصر من مياه النيل والتى أوقعت مصر فى مشكلات كبيرة، ولكن تلك التهديدات لم تتكرر من أى مسئول مصرى آخر بعد ذلك وإن حاولت حكومات مبارك فى السنوات الأخيرة أن تتوصل إلى توافق مع دول حوض النيل بخصوص الاتفاقية الإطارية، وهو أمر ما زال بعيدا عن الحسم ويشهد قدرا من الخلافات خاصة بين مصر والسودان من ناحية وأغلب دول المنبع من ناحية أخرى، ?لعل تفكير بعض هذه الدول فى إقامة سدود ومشروعات على النيل يؤثر على حصة مصر، وعلى الرغم من ذلك لا يوجد أى نزوع لديها فى تصعيد المواقف مع هذه الدول وهو ما تجسد فى الأشهر الأخيرة من قيام عدد من كبار المسئولين بزيارات مهمة لكل من إثيوبيا وأوغندا وجنوب السودان . ويرى الدكتور أبو زيد ضرورة بلورة التوافق المطلوب على الاتفاقية الإطارية، فغياب ذلك من شأنه أن يجعل الاتفاق على مشروعات مشتركة من الصعوبة بمكان فضلا عن إمكانية إبرام إتفاقيات ثنائية، ويشير فى هذه السياق إلى إمكانية بلورة اتفاقية مع حكومة جنوب السودان العضو الجديد فى مجموعة حوض النيل، فذلك من شأنه أن يوفر كميات إضافية إلى حصة مصر من مياه النيل ولكن - كما يضيف- إذا استعصت الاتفاقيات الثنائية فإنه من الضرورى إبرام الاتفاقية الجماعية - الإطارية - لصياغة مشروعات التعاون بين دول الحوض فى المستقبل وهو ما يجعل من خيار اندلاع حرب مياه فى هذه المنطقة مستبعدا خيار الحرب .
- إذن أنت تتوقع أن هذا الخيار وارد فى المشرق العربى وأقصد به بين إسرائيل وما يمكن تسميته بدول الجوار فلسطين والأردن ولبنان، فما هى مبرراتك فى ذلك؟
المبرر الرئيسى وراء تصورى بإمكانية وقوع حرب مياه فى هذا الجزء من العالم العربى يتجسد فى سيطرة إسرائيل على أكثر من 60 فى المائة من المياه فيها بالرغم من محدوديتها وضآلتها، ومن ثم فهى قادرة على شن حرب فى شعورها بالتهديد بنقص ما تحصل عليه من موارد المياه فى هذه الدول وهى تمتلك القوة لتحقيق الانتصار فيها بحكم ضعف الأطراف الأخرى، ولكن بوسع إسرائيل أن تتجنب مثل هذه الحرب لو تجاوبت مع الطروحات العربية لإيجاد حل شامل للقضية الفلسطينية، ومن ثم تعمل على إعادة الحقوق العربية، وفى الوقت ذاته تكثف مشروعاتها لتحلية مياه البحر خاصة أن لديها التكنولوجيا والقدرات المالية خاصة وما يقلق على الصعيد هو أن الدول العربية المجاورة هى التى تعتمد على تحلية مياه البحر ذات الكلفة العالية، بينما إسرائيل تستولى على مواردها الطبيعية من مياه .
- وماذا عن منطقة الشمال والتى تضم كلا من تركيا والعراق وسوريا ؟
تركيا تتحكم فى حصص هاتين الدولتين من مياه نهرى دجلة والفرات، وهو ما يشكل مصدر قلق لكن هناك مفاوضات بين الدول الثلاث بخصوص هذا الملف الأمر الذى قد يدفعها إلى التوصل إلى اتفاق فى فترة وجيزة، مما يقلص إلى حد كبير من إمكانية وقوع حرب.
ومع ذلك فإن الدكتور محمود أبوزيد يدعو الدول العربية لامتلاك القوة العسكرية الكافية والسياسية لحماية مصادرها من مياه الأنهار المشتركة مع دول الجوار، وفى الوقت نفسه صيانة حقوقها وحصصها منها .
حقائق عن المنطقة
وفى لقاء «الأهرام العربى» بالدكتور ضياء الدين القوصى الخبير الدولى المتخصص فى شئون المياه والنائب الأسبق للهيئة الدولية للرى والصرف والذى يمتلك باعا طويلا فى هذا المجال يبدأ حديثه بالإشارة إلى جملة من الحقائق:
- 60 فى المائة من موارد المياه فى المنطقة العربية تأتى من خارجها.
- الأمطار على المنطقة شبه منعدمة والمياه الجوفية تم استنزافها وشبه ناضبة .
- المنطقة العربية من أكثر مناطق العالم ارتفاعا فى درجات الحرارة وهو ما يجعل الاستهلاك المائى سواء منزلى أو عام أو فى الزراعة أو الصناعة مرتفعا .
- معظم الدول العربية تصر على أن يكون نشاطها الاقتصادى والتنموى معتمدا على الزراعة وهى بطبعيتها مستهلك كبير للمياه .
- وأسأله :هل يمكن أن تقود هذه الحقائق إلى إمكانية تأجيج الصراع فى المنطقة ومن ثم إلى الحرب؟
يجيب الدكتور القوصى : وسط هذه الحقائق زرعت إسرائيل اغتصابا فى منطقة يقل نصيب الفرد فيها من المياه عن 200 متر فى السنة، وأذكرك فى هذا الصدد بما قاله بن جوريون، أول رئيس وزراء لإسرئيل فى عام 1948 من أن ليس بمقدور اليهودى الذى أمضى كل هذه السنوات فى التيه أن يمضى فى مكان واحد بدون زراعة باعتبارها النشاط الذى يعمق ارتباط الإنسان بالأرض، كما أنه ليس بوسعه
- أى اليهودى - أن يعتمد على التجارة والمال والبنوك والجنس والسياحة فقط، وإنما من الضرورى أن يكون هناك نشاط زراعى فاخترع قصة المستعمرات أو الكيبوتزات، والتى مارس فيها المستوطنون النشاط الزراعى إلى جانب التدريب العسكرى، وهنا أدركت إسرائيل أن هذا النشاط يتطلب كميات كبيرة من المياه فألجأها ذلك إلى خيارين أحدهما يتمثل فى الاستحواذ على موارد المياه الفلسطينية وفى الدول المجاورة ثم التحول إلى دولة صناعية، مما أدى إلى أن أصبحت مساهمة الزراعة فى الدخل القومى لإسرائيل تصل إلى 2 فى المائة ولم تعد تمارس من أنشطتها إلا إنتاج التقاوى والبذور .
ويضيف الدكتور القوصى: إن هذه التطورات انطوت على رسالتين على قدر كبير من الأهمية، أولهما أن إسرائيل باتت تركز على الإدارة الرشيدة للمياه بحيث تراعى القيمة الاقتصادية وليس السعر الاقتصادى للماء بمعنى كيفية التعامل مع الماء كسلعة اقتصادية، وفى الوقت نفسه عائد اقتصادى، وثانيهما تكثيف عمليات اعادة استخدام وتدوير المياه ولكن كل هذا لم يجعل إسرائيل تشعر بالاكتفاء وتخلقت لديها شراهة للمياه فأخذت تقوم بعملية سطو للحصول على مياه بحيرة طبرية ونهر الأردن وأنهار لبنان والمياه الجوفية فى فلسطين بل إن الأخطر من ذلك أنها أخذت تسرق المياه الجوفية من سيناء حتى بعد انسحابها منها وبالذات فى الجانب الفلسطينى من رفح على الحدود مع مصر، فضلا عن إمكانية قيامها فى أوقات معينة وعند اللزوم حسب رؤيتها بتسميم الآبار الجوفية سواء فى سيناء أو الاردن أو فلسطين.
وضع لن يستمر
- هل يمكن لهذا الوضع أن يستمر؟
لا بالطبع، ولكن قد يسهم فى حل المعضلة لجوء إسرائيل إلى تحلية مياه البحر بكثافة عبر استخدام الطاقة النووية .
وفيما يتعلق بالجانب التركى يشير الدكتور القوصى إلى أن أنقرة أقامت سلسلة من السدود على نهرى دجلة والفرات اللذين ينبعان من أراضيها وهى فى الوقت نفسه تحافظ على تعهداتها، ومن ثم فليس ثمة إشارات إلى إمكانية تدهور فى علاقاتها مع سوريا والعراق على خلفية أزمة مياه، ويرى أنه مع هدوء الأوضاع فى سوريا واستقرارها فى العراق سيكون من السهولة احتواء أى تداعيات بطريقة سلمية تقوم على منهجية التفاوض .
لكن الدكتور القوصى يرى أن المعضلة الكبرى تكمن فى منطقة حوض النيل خصوصا بالنسبة لمصر وإلى حد ما السودان، باعتبارهما دولتى مصب، وذلك على عكس رؤية الدكتور محمود أبوزيد التى تستبعد خيار الحرب فى هذه المنطقة، ويستند فى تصوره إلى واقعة قديمة حدثت فى 1963 بعد أن نجحت مصر تحت قيادة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر فى إقامة أوثق العلاقات مع القارة الإفريقية، وبخاصة دول حوض النيل وقدمت الكثير من المساعدات سواء على المستوى الاقتصادى أو على مستوى الخبراء والفنيين أو عن طريق شركة النصر للاستيراد والتى انتشرت فى العديد من الدول الإفريقية فضلا عن صداقة قوية ربطت بين عبد الناصر والكثير من زعماء القارة فى ذلك الوقت وفى مقدمتهم نكروما وسيكوتورى وجوموا كنياتا وديبوكيتا وجوليس نيريرى ولم يمنع ذلك الزعيم الأخير- أى نيريرى والذى كان يرأس جمهورية تنزانيا - من المطالبة بإبرام اتفاقية جديدة لتوزيع حصص نهر النيل مع مصر معلنا أن الاتفاقيات السابقة وقعت فى عهد الاستعمار .
بداية الفتور
ويضيف: لقد شهدت فترة حكم السادات لمصر 1970 - 1981، نوعا من الفتور فى علاقات مصر الإفريقية، لكن التطور الأبرز خلالها هو تهديده باستخدام القوة العسكرية إذا فكر طرف فى إحداث تغيير فى شكل ونمط التوزيع المائى لنهر النيل خصما من حصة مصر، وذلك كان خطأ فادحا بلا شك ثم جاء حكم الرئيس السابق والذى دفع مصر إلى الانكفاء على الذات وقطع أغلب خيوط التواصل مع دول حوض النيل .
ولاشك أن هذه التطورات من تفرد مصر بالمشهد الإفريقى إلى التقوقع على الذات ثم الابتعاد عن المشهد ثم الدخول فى مفاوضات حول ما يسمى بمبادرة حوض النيل لمدة عشر سنوات من 1990 إلى 2009 أفرزت حتى الآن تداعيات ما زالت تخضع للنقاش والأخذ والرد، ولكنه يتوقف عند ما يصفه بالاجتماع المارثوانى فى مدينة شرم الشيخ المصرية والذى حضرته الدول العشر المنتمية لحوض النيل والذى استغرق حوالى 17 ساعة متواصلة من ظهر يوم 13 مايو إلى فجر 14 مايو من عام 2010 ويقول إن ممثل دول المنبع خرج بعد هذه الساعات ليعلن أنها ستوقع على الاتفاقية?الإطارية لحوض النيل، وأن مصر والسودان والكونغو أبدت اعتراضا عليها، مؤكدا استمرار الدول التى يمثلها فى طريقها مطالبا الدول الثلاث المعترضة على اللحاق بها والا فلتذهب إلى حيث تريد وذلك كان معناه الواضح وقوع انقسام كامل فى موافق دول حوض النيل وقد وقعت بالفعل ست من الدول على الاتفاقية الإطارية وهى رواندا وبروندى وتنزانيا وإثيوبيا وكينيا وأوغندا، ولم توقع عليها مصر والسودان والكونغو بينما وعدت أحدث دولة عضو فى الحوض وهى جنوب السودان بالتوقيع عليها فى وقت لاحق .
ويستطرد القوصى : الأمور لم تقف عند هذا الحد بل تحركت هذه الدول التى وافقت على الاتفاقية الإطارية من الزراعة المطرية إلى الزراعة المروية والتحول فى إنتاج الطاقة من الوقود الأحفورى (البترول والغاز والفحم) إلى استخدام المساقط المائية وذلك يعنى بالضرورة اقامة سلسلة من السدود على النهر مما يؤدى إلى نقص الإيرادات الطبيعية لكل من مصر والسودان هل بوسع مصر بالذات أن تقف ساكتة أو صامتة أو متفرجة على مشهد تناقص حصتها من مياه النيل وهو ما يهدد أنشطتها الاقتصادية والتنموية .
ويؤكد الدكتور القوصى أن الأمن المائى للدول العربية كل لا يتجزأ، وهو بالضرورة معرض لتهديدات عدة والتى يمكن أن تشعل شرارة حرب المياه فى المنطقة، وهو ما يستوجب أن تبادر هذه الدول بالتوصل إلى اتفاقيات محددة وواضحة مع التى تنبع منها الأنهار عن طريق التفاوض وهو يطالب بأن تبدأ هذه المفاوضات بأسرع ما يمكن على مستوى كل الجبهات للحيلولة دون إتاحة الفرصة لعوامل الانفجار
لا جزم بالحرب
وأطرح السؤال الرئيس على الدكتور عبد العليم محمد، نائب رئيس مركز الدراسات السياسية والإستراتيحية بالأهرام: هل هناك حرب مياه مقبلة فى المنطقة العربية؟ فيعلق على الفور: ليس بوسعى الجزم بذلك، لكن هناك بالتـأكيد صراعا على المياه، ويبرر ذلك بأن ثمة مشكلة فى كل أحواض الأنهار ومنابعها سواء نهر النيل أو نهرا دجلة والفرات، لاسيما أن إثيوبيا وغيرها من دول حوض النيل وتركيا تقوم ببناء العديد من السدود، مما يعنى احتجاز كميات كبيرة من المياه على حساب كل من مصر وسوريا والعراق وهو ما رأينا تجلياته فى أزمة حوض دول النيل? والتى ما زالت مستمرة، غير أنه يلفت النظر إلى أن إمكانات التفاهم بين هذه الأطراف أكبر من عوامل الخلاف والتناقض خصوصا بعد الدور الذى لعبته الدبلوماسية الشعبية من مصر باتجاه إثيوبيا وأوغندا فضلا عن اهتمام القاهرة بالدخول فى مشروعات حيوية فى البلدين تقدر بأكثر من مليارى دولار .
لكن الدكتور عبد العليم يخشى من اندلاع حرب حقيقية مع إسرائيل بسبب المياه واستمرارها فى احتلال الأراضى العربية والفلسطينية، وخطورة ذلك تتمثل فى أن إسرائيل لا تسيطر على الأنهار العربية فقط وإنما تقوم بالهيمنة على المياه الجوفية خاصة أن استهلاك مواطنيها من المياه يعادل أضعاف استهلاك المواطن الفلسطينى .
ويعتقد الدكتور عبد العليم أن قضية المياه من أهم جوانب قضايا الأمن القومى العربى، فهناك مساحات شاسعة من الصحارى فى المنطقة العربية واستزراعها يتطلب كميات هائلة من المياه وهنا تكمن المعضلة، الأمر الذى يستوجب أن يكون هناك اهتمام حقيقى من دول المصب العربى بدول المنابع بحيث يتم إبرام اتفاقيات تقوم على التوزيع العادل لحصص المياه وفقا لعدد السكان ومتطلبات التنمية وفقا لقواعد القانون الدولى, وأظن - الكلام لمحدثنا - أن مصر سعت بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير لتجاوز كل الثغرات التى تركها النظام السابق فبعثت بوفود شعبية إلى عدد من عواصم دول حوض النيل لإقامة منظومة علاقات جديدة لتأمين الموقف من جهة مياه النيل أو على الأقل الحيلولة دون تفاقمه فى ضوء الخلافات التى ما زالت قائمة على صعيد الاتفاقية الإطارية .
ولا يجد الدكتور عبد العليم غضاضة من القول بأن خطر نشوب حرب مياه فى المنطقة بات أقل فى المدى المنظور أو المتوسط، معتمدا فى ذلك على أنه لا يمكن أن يسمح لدولة أن تحرم دولة أخرى من حصتها من مياه نهر ينبع من أراضيها, فهذه المسألة مرتبطة باستقرار المنظومة الدولية بالدرجة الأولى والمجتمع الدولى حريص على توزيع حصص المياه بشكل قانونى ومعقول وفق ما هو موقع من اتفاقيات, لكنه يشير إلى مخاطر العامل الخارجى فى إمكانية تأجيج الصراع على المياه فى المنطقة وينبه بشكل خاص إلى الدور الذى تلعبه إسرائيل فى قارة إفريقيا والتى بات تمتلك نفوذا واسعا فيها من خلال توفير المتطلبات الأمنية والعسكرية والتكنولوجية لعدد كبير من دولها وهو دور اتسع تأثيره فى ظل تخلى مصر عن تقديم الدعم والإسناد التنموى والاقتصادى لهذه الدول .
ويخلص محدثنا إلى ضرورة تبنى الدول العربية لإستراتيحية مائية سياسة تقوم على المحددات التالية :
- تطبيق الاتفاقيات الدولية الخاصة بالأنهار ومياهها بين دول المصب ودول المنبع وفق قواعد القانون الدولى التى تتسم بالعدالة فى توزيع حصص مياه الأنهار .
- تعميق علاقات حسن الجوار مع الدول التى تتحكم فى منابع الأنهار وفى مقدمتها إثيوبيا وأوغندا وتركيا .
- تعظيم المنافع المشتركة من خلال تحقيق توزيع عادل لحصص المياه وفقا لاحتياجات التنمية من ناحية وعدد السكان من ناحية أخرى.
- العمل على سرعة التوصل إلى حل شامل للصراع العربى - الإسرائيلى والذى يشكل أحد المداخل المهمة لتجنب صراع خطير على المياه فى المدى البعيد .



No comments: