حسب آخر إحصائية أصدرها المعهد الدولي للبحوث في السياسات الزراعية (IFPRI) ومقره واشنطن، فإنه ومنذ عام 2006 وحتى الآن حصلت منظومة دول الاستعمار الزراعي الجديدة على 20 مليون هكتار(الهكتار= 10.000 متر مربع) من الدول الفقيرة التي تعرض أراضيها الزراعية لمن يدفع أكثر. وبلغت قيمة هذه الصفقات 30 مليار دولار أمريكي.
وقد اخذ المزارعون والمنظمات غير الحكومية في الدول التي تم الاستحواذ على أراضيها الزراعية يبدون مقاومة شديدة لهذه الاتفاقيات الجائرة. ومن ثم اضطرت مجموعة (بن لادن) السعودية لإلغاء مشروع بقيمة 4.3 مليار دولار في اندونيسيا لزراعة الأرز. وألغت حكومة كوريا الجنوبية اتفاقها مع مدغشقر بعد سقوط الحكومة ف الأخيرة. كما ظهرت معارضة شديدة في كينيا ضد دولة قطر التي كانت ستحصل على أراضٍ زراعية هناك. كما أعلنت وزارة الزراعة التايلندية عن عزمها تغيير القوانين التي تسمح للأجانب بامتلاك أراضٍ زراعية.
ولكن هناك دولتان لم تظهر بهما معارضة ضد هذه الاستحواذات وهما باكستان وتركيا؛ فباكستان قد عرضت 7 مليون ايكر (ايكر = 4040 متر مربع) للبيع على دول الخليج، وقد وصفت جريدة Daily Times ديلي تايمز الباكستانية يوم 16 /9/2009 هذه الصفقات بأنها أسرع طريق لإعادة الإقطاعيات الكبيرة، وبثوب أجنبي. أما جريدة الفجر الباكستانية (Dawn) فقد ذكرت في عددها ليوم 14/9/2009 أن الباكستانيين يحتجون بشدة على الوجود الأمريكي في أفغانستان وهي دولة جارة، بينما يغضون الطرف عمن يحاول الحصول على أهم الأراضي الزراعية الباكستانية وقوت الشعب الباكستاني ويسمونهم بالأخوة.
أما تركيا التي تسيطر على منابع المياه للعراق فلم تبد أي منظمة غير حكومية أو فلاحية اعتراضها على موضوع حصول الأجانب على أراضٍ زراعية فيها؛ حيث بدأت السعودية وإمارة أبو ظبي بالاستحواذ على أراضٍ شاسعة هناك. ونظرا للمقاومة الشديدة التي تواجه الدول الخليجية في دول كثيرة من العالم الثالث فإنهم ربما سيتوجهون إلى تركيا لصرف دولاراتهم البترولية المتراكمة للاستحواذ على أرض ومياه المغلوبين على أمرهم.
ورغم محاولة بعض ساسة العراق ومحطاتها التلفزيونية التهوين من موضوع شحة المياه وتبرير مواقف بعض الدول، فإن هذا الموضوع هو أهم مشكلة تواجه العراق حاليا ومستقبلا. وكنت أتمنى لو أن الرئيس مام جلال قد تطرق إليها في خطابه أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة قبل أيام. وأعتقد أن تلك المنصة كانت المجال المؤثر لتوصيل شكوى العراق للعالم. هذا وقد حثت تركيا مؤخراً البرلمان العراقي على الإسراع في إقرار الاتفاقية الاستراتيجية بين البلدين، ومن المنتظر أن يوقع رجب طيب اردوغان ونوري المالكي على 50 مذكرة تفاهم. لكن الضمير الوطني يوجب على الحكومة الحالية والقادمة والبرلمان الحالي والقادم في بغداد و أربيل أن يتفقوا مع تركيا على توقيع معاهدة حول حقوق العراق في المياه قبل المصادقة على مذكرات التفاهم تلك، هذا إذا أرادوا جديا ضمان مستقبل أبناء العراق.
وهنا أود أن أذكِّر بإحدى المعاهدات المائية بالمنطقة، والتي ربما لا يعرف عنها كثير من العراقيين، ففي عام 1929 وبينما كان النقاش والصراع في العراق ممتدا بين توفيق السويدي و عبد المحسن السعدون وكلاهما تناوبا على منصب رئيس الحكومة العراقية حول دور البريطانيين في العراق وعندما تخلى المندوب السامي البريطاني Dobbs عن منصبه للجنرال جلبرت كانت المندوبية قد بدأت مشغولياتها بتعليم الملك المستورد الاتيكيت الدبلوماسي: وبالمقابل، وفي نفس السنة – أي قبل ثمانين عاما بالضبط- جلس المندوب السامي البريطاني في مصر اللورد "جورج لويد" إلى طاولة في القاهرة ووقع معاهدة مياه النيل لسنة 1929 بين مصر والإمبراطورية البريطانية.
حيث وقع المندوب السامي باسم المستعمرات البريطانية كينيا ، يوغندا وتنجانيقا ( تنزانيا حاليا) وبموجب هذه الاتفاقية أصبحت مصر صاحبة الكلمة المسموعة في مياه نهر طوله 6740 كم ويتشاطأ عليه 10 دول ويعيش على ضفافه الآن حوالي 160 مليون إنسان وسيتضاعف عددهم إلى الضعف في عام 2030. وإثيوبيا التي ينبع 85% من مياه نهر النيل من أراضيها ليس لها حق التصرف المنفرد أبدا بالمياه. أما السودان وبعد الاستقلال فقد تململ وحدث فيه انقلاب عام 1959 وسمح له لاحقاً باستعمال عدة مليا رات من الأمتار مكعب سنويا وتصل إلى مصر 55 مليار متر مكعب سنوياً.
وقد اخذ المزارعون والمنظمات غير الحكومية في الدول التي تم الاستحواذ على أراضيها الزراعية يبدون مقاومة شديدة لهذه الاتفاقيات الجائرة. ومن ثم اضطرت مجموعة (بن لادن) السعودية لإلغاء مشروع بقيمة 4.3 مليار دولار في اندونيسيا لزراعة الأرز. وألغت حكومة كوريا الجنوبية اتفاقها مع مدغشقر بعد سقوط الحكومة ف الأخيرة. كما ظهرت معارضة شديدة في كينيا ضد دولة قطر التي كانت ستحصل على أراضٍ زراعية هناك. كما أعلنت وزارة الزراعة التايلندية عن عزمها تغيير القوانين التي تسمح للأجانب بامتلاك أراضٍ زراعية.
ولكن هناك دولتان لم تظهر بهما معارضة ضد هذه الاستحواذات وهما باكستان وتركيا؛ فباكستان قد عرضت 7 مليون ايكر (ايكر = 4040 متر مربع) للبيع على دول الخليج، وقد وصفت جريدة Daily Times ديلي تايمز الباكستانية يوم 16 /9/2009 هذه الصفقات بأنها أسرع طريق لإعادة الإقطاعيات الكبيرة، وبثوب أجنبي. أما جريدة الفجر الباكستانية (Dawn) فقد ذكرت في عددها ليوم 14/9/2009 أن الباكستانيين يحتجون بشدة على الوجود الأمريكي في أفغانستان وهي دولة جارة، بينما يغضون الطرف عمن يحاول الحصول على أهم الأراضي الزراعية الباكستانية وقوت الشعب الباكستاني ويسمونهم بالأخوة.
أما تركيا التي تسيطر على منابع المياه للعراق فلم تبد أي منظمة غير حكومية أو فلاحية اعتراضها على موضوع حصول الأجانب على أراضٍ زراعية فيها؛ حيث بدأت السعودية وإمارة أبو ظبي بالاستحواذ على أراضٍ شاسعة هناك. ونظرا للمقاومة الشديدة التي تواجه الدول الخليجية في دول كثيرة من العالم الثالث فإنهم ربما سيتوجهون إلى تركيا لصرف دولاراتهم البترولية المتراكمة للاستحواذ على أرض ومياه المغلوبين على أمرهم.
ورغم محاولة بعض ساسة العراق ومحطاتها التلفزيونية التهوين من موضوع شحة المياه وتبرير مواقف بعض الدول، فإن هذا الموضوع هو أهم مشكلة تواجه العراق حاليا ومستقبلا. وكنت أتمنى لو أن الرئيس مام جلال قد تطرق إليها في خطابه أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة قبل أيام. وأعتقد أن تلك المنصة كانت المجال المؤثر لتوصيل شكوى العراق للعالم. هذا وقد حثت تركيا مؤخراً البرلمان العراقي على الإسراع في إقرار الاتفاقية الاستراتيجية بين البلدين، ومن المنتظر أن يوقع رجب طيب اردوغان ونوري المالكي على 50 مذكرة تفاهم. لكن الضمير الوطني يوجب على الحكومة الحالية والقادمة والبرلمان الحالي والقادم في بغداد و أربيل أن يتفقوا مع تركيا على توقيع معاهدة حول حقوق العراق في المياه قبل المصادقة على مذكرات التفاهم تلك، هذا إذا أرادوا جديا ضمان مستقبل أبناء العراق.
وهنا أود أن أذكِّر بإحدى المعاهدات المائية بالمنطقة، والتي ربما لا يعرف عنها كثير من العراقيين، ففي عام 1929 وبينما كان النقاش والصراع في العراق ممتدا بين توفيق السويدي و عبد المحسن السعدون وكلاهما تناوبا على منصب رئيس الحكومة العراقية حول دور البريطانيين في العراق وعندما تخلى المندوب السامي البريطاني Dobbs عن منصبه للجنرال جلبرت كانت المندوبية قد بدأت مشغولياتها بتعليم الملك المستورد الاتيكيت الدبلوماسي: وبالمقابل، وفي نفس السنة – أي قبل ثمانين عاما بالضبط- جلس المندوب السامي البريطاني في مصر اللورد "جورج لويد" إلى طاولة في القاهرة ووقع معاهدة مياه النيل لسنة 1929 بين مصر والإمبراطورية البريطانية.
حيث وقع المندوب السامي باسم المستعمرات البريطانية كينيا ، يوغندا وتنجانيقا ( تنزانيا حاليا) وبموجب هذه الاتفاقية أصبحت مصر صاحبة الكلمة المسموعة في مياه نهر طوله 6740 كم ويتشاطأ عليه 10 دول ويعيش على ضفافه الآن حوالي 160 مليون إنسان وسيتضاعف عددهم إلى الضعف في عام 2030. وإثيوبيا التي ينبع 85% من مياه نهر النيل من أراضيها ليس لها حق التصرف المنفرد أبدا بالمياه. أما السودان وبعد الاستقلال فقد تململ وحدث فيه انقلاب عام 1959 وسمح له لاحقاً باستعمال عدة مليا رات من الأمتار مكعب سنويا وتصل إلى مصر 55 مليار متر مكعب سنوياً.
أذكر هذه الاتفاقية لأوضح أن المستعمر تعامل بطرق مختلفة مع شعوب مستعمراته. ويفسر البعض ذلك بكون العراق فشل تاريخيا ولازال يفشل في استثمار علاقاته مع أصدقائه من الدول الكبرى.
والآن فإن المياه تدل إلى العراق بحسب مزاج السياسيين في دول الجوار الثلاثة التي تنبع منها الأنهار التي تصب أو تجري بالعراق، بل ربما بحسب مزاج موظفين صغار في وزارات الزراعة بتلك الدول. فلو لم يتم تثبيت هذه الحقوق في اتفاقيات ومعاهدات موثقة من قبل الأمم المتحدة فإننا سنواجه المشكلة ذاتها كل موسم، ولن يرى سكان خانقين مثلاً المياه في نهر الوند إلا في أواخر سبتمبر: أي بعد أن ينتهي الموسم الزراعي في إيران.
نشر في يوم6.10.2009
نشر في يوم6.10.2009
ا.د. طالب مراد
No comments:
Post a Comment