Tuesday, 27 September 2011

الاستعمار الجديد الزراعي والامن الغذائي-4

عجلت الزيادة المضطرة لأسعار المواد الغذائية على الصعيد العالمي خلال السنتين الماضيتين بعمليات الاستيلاء على ألأراضي الزراعية ضمن ميكانيزم عمل الاستعمار الزراعي الجديد والياته الاقتصادية والسياسية ، وفي هذا المجال بدأت دول الخليج وعدد من البلدان الأسيوية والأوربية ( والتي تهمها الحصول على الوقود الحيوي ) بعمليات منظمة للاستيلاء على الأراضي الزراعية في البلدان الفقيرة والأشد فقرا، وذلك ضمن مفهوم وأجندة الأمن الغذائي وإستراتيجيته التي أصبحت ألأهم بالنسبة للدول والكتل السياسية والاقتصادية.
 
الاستعمار الزراعي رغم كونه ظاهرة تاريخية قديمة فان قواه المؤثرة و آلياته وأسلوب عمله يمثل الجديد في عصرنا الحالي وذلك لتداخله مع النشاط العولمي على الصعيدين الاقتصادي والسياسي ، ويهدف الشكل الجديد للاستعمار على ديمومة ضخ الوقود الحيوي من البلدان المُستَعمرة باتجاه الدول المستعمِرة التي تصف عملياتها الاستعمارية بأنها استثمارات خارج حدودها القومية .
 
يمثل الشرق الاوسط وبالاخص العراق, المشهد الاكثر وضوحا للظاهره, وهذا ما لخصه وصرح به السيد بيتر ياربك مدير عام شركة نستله العالميه لصحيفة اندبيندنت اللندنيه يوم 9.8.2009 حينما قال ( ان الماء العذب سينضب قبل البترول).
 
  مشكلة المياه وبالذات العذبة منها ظاهرة قديمة في دول الخليج ولكن الكارثة الإنسانية والبيئية تتمثل بصورة المستقبل المنظور للعراق والذي أصبح مهدداً وبشكل واضح لخسارته عصبي الحياة فيها وذلك بتجفيف رافديه ليتحول ما عرف بأرض السواد إلى ارض اليباب
 
تجفيف نهري دجلة والفرات، وهي من الأنهر العابرة بين الدول، تتم من قبل دول الجوار التركي والإيراني من خلال عمليات إنشاء السدود أو كعوامل ضغط سياسية ضمن ما يعرف بحرب المياه. إن المشكلة تتضاعف في الحالة العراقية لعدم اهتمام الحكومة والحكومات المتعاقبة بالزراعة والآمن الغذائي ناهيك عن نقطة الضعف الكبيرة التي تتضاعف وهي اعتماد العراق على 80% من حاجته للغذاء من خارج الحدود.
 
إن رغبة وجهد الدول الخليجية وبالذات السعودية والإمارات بالحصول على الأراضي الزراعية في تركيا يعتبر عامل إضافي لتركيا بالإسراع ببناء شبكة سدودها التي تنعكس آثارها الكارثية على العراق والموقف السعودي والإماراتي ( ابو ظبي ) يختلف عن الموقف الأوروبي المسئول حينما رفضت وانسحبت عددت من البلدان الأوربية بتمويل تلك السدود وذلك لمعرفتها بمدى تأثيراتها الداخل التركي وعلى العراق بشكل اكبر.
 
إن التوجه السعودي والإماراتي الجديد جاء بعد إن جفت مياهها الجوفية التي تم هدرها في مشاريع زراعية عقيمة أقدمت عليها حينها بعد أن أخذت بنصيحة عدد من الشركات والمنظمات الدولية، الفشل الداخلي لحل مشكلة الغذاء في دول الخليج دفعتها للبحث عن الحل الخارجي ( الاستعمار الزراعي الجديد) ودخول تلك الدول في الظاهرة الجديدة سبب إشكالية أخلاقية وأدبية  لمنظمة الاغذيه والزراعه على خلفية استلامها مبلغا قدره 2,5 مليون دولار من المملكة العربية السعودية لتمويل مؤتمر دولي حول جياع العالم في روما وذلك في نوفمبر من هذا العام، ستجتمع الدول الغنية ورؤساءها لحل مشكلة الفقر والجوع والأمن الغذائي على الصعيد العالمي ، السؤال الذي يطرح نفسه هل إن الجوع والفقر دالة لها علاقة بين عدد السكان ومحدودية الأرض الزراعية أم إنها صناعة تهدف إلى مضاعفة ربح الشركات الاحتكارية وبالأخص الاحتكارات التي تنشط في مجال الغذاء كونها السلعة الأكثر أهمية في تاريخ البشرية.؟
 
   نشرت صحيفة GRAINالالكترونية وهي تابعة لمنظمة أميركية غير حكومية وتهتم بأمور  الزراعة والأراضي الخصبة والمغتصبة علما إن الصحيفة نشرت الحلقات الأولى والثانية والثالثة للمادة بعد أن اقتبستها من احد المواقع العراقية ومن الجدير بالذكر أن الموقع الرسمي للمنظمة تنشر بعدد من اللغات وتعتبر نشرها لسلسلة مقالتنا هي الأولى على صعيد النشر باللغة العربية .
 
أ .د. طالب مراد مستشار ( متقاعد) لمنظمة الأغذية والزراعة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط ورئيس سابق لموظفي الأمم المتحدة في القاهرة
www.Farmlandgrab.org/6711 نشر في 22.8.2009


www.Farmlandgrab.org/6752

No comments: