قبل اسبوع تلقيت مكالمة تيلفونية من جريدة هاولاتي
الكوردية حول موضوع الخطة الاستراتيجية الزراعية لكوردستان وما نفذ منه حتى الان. وبما ان
المكالمة كانت تليفونيه اوجزت ردي ولخصت
كلامي بإنه وحسب علمي و تأكيد وزير مالية الاقليم في اجتماع للجنة الوزارية
الاقتصادية والتي كان يترأسها انذاك الدكتور( برهم صالح ) فإن وزارة المالية لم تخصص
فلسا واحدا لخطة كلفتها عشرة ونصف مليار دولار امريكي. افهمت الصحفي بإن الخطة لم
تنفذ رغم مرور اكثر من أربعة سنوات على البدء بها ولايمكن تنفيذها لانها كانت تفتقر الى اهم عنصر وهي الميزانية. نشرت الجريدة
الحقيقة التي ذكرته الى جانب تصريح من رئيس اللجنة الزراعية في برلمان كوردستان
حيث "ذكر بأن الخطة على مايرام ولكن
فيها بعض التقصير".
لقد قدمت انا والدكتور جمال فؤاد(خبير زراعي متقاعد
بالبنك الدولى ووزير زراعة سابق) وزملاء اكراد اخرين تقيمنا و
ملاحظاتنا حول الخطة الزراعية وكتبتها انا باللغه
بالانكليزية. ان محتويات الخطة تذكرنا بالاستراتيجيات
والتخطيط التي كانت تتبناها الدول الاشتراكية محاولة من حكامها تحسين الامن
الغذائي والخدمات الاخرى الضرورية للشعوب
المغلوبة على امرها. ان الخطط "الايدلوجية"
تلك ولكافة القطاعات والتي كانت تنتهى عادة
بعدد من السنوات كمدة زمنية لتنفيذها اصبحت فيما بعد من احدى مسببات انهيار
المنظومة الاشتراكية .
لقد تكلمت انا وزملائي للصحافة ولوسائل الاعلام الاخرى حول
عدم جدية الخطة الاستراتيجية للقطاع الزراعي في الاقليم ولكن المسئولين المهتمين بالقطاع وبعض السياسيين كانوا يطلون على
الشعب الكوردستاني بين الفينة والاخرى ويعلنون لوسائل الاعلام بأن نسبة كذا وكذا
من الخطة قد نفذت. بل واصر بعضهم بأن "كوردستان على ابواب ان تصدر المواد
الغذائية الى ايران وتركيا". ولكون ارائي واستشاراتي كانت ولازالت غير مسموعة الى درجة الاحباط لى و لزملائى المختصين,
لدى ذوي الامرفي الاقليم , في امور كثيرة تخص الامن
الغذائي و تخريب الاراضي الزراعية وكذلك
حول عدم جدوى و تنفيذ الخطة الاستراتيجية رغم مرور اربعة سنوات على الاعلان عنها.
لذا قررت كتابة هذه السطور لتوضيح الامور وباللغة العربية ورغم فوات اوان تنفيذ
الخطة الا انني اعتقد انه من الاهمية ان يطلع اصحاب المصلحة وهم بلاشك عموم الشعب
الكوردستاني على الحقيقة و معرفة اسباب فشل الخطة الاستراتيجية وخوفا بأن اتهم يوما بأني تقاعست في مهامي .
لم يبقى سوى بضعة اسابيع لنحتفل بنهاية السنة
الحالية وبدء سنة 2013 وحسب تقويم عملي فهي السنة الاخيرة لتنفيذ الخطة الخماسية
والموجوده على صفحات كتب جميلة و مصقولة فقط و تم توزيعها بكثرة.
خلال عام 2008 عقدت خمسة
مؤتمرات في وزارة الزراعة في اقليم كوردستان تمخضت الاجتماعات المكثفة عن ولادة خطة
خماسية وبكلفة عشرة ونصف مليار دولار امريكي.خصص ثلث الميزانية للزراعة وثلثيها
للمياه ومع ذلك سميت الخطة بخطة القطاع الزراعي وكان المفترض تسميتها بخطة المياه.
نوقشت الخطة يوم 28.1.2008 في مؤتمر كبير عقد فى اربيل دعي اليه 280 شخصا وحضره عدد كبير من
الاجانب والمنظمات الدولية والمحلية ومن القلائل الذين لم يحضروا ذلك الاجتماع
الخطير الذي كان سيحل مشكلة الامن الغذائي في كوردستان هم ذوي الخبرة والاختصاص
الكورد.
واتذكر جيدا ذلك اليوم 28.1.2008 حيث كنت في لندن مع الاستاذ (عدنان موفتي) رئيس برلمان كوردستان انذاك بصحبة شقيقى ( عادل مراد ) وكان التلفزيون يعرض وقائع المؤتمر والكاميرات كالعادة كانت تركز على وجوه المجتمعين هذا مما دفعني الى ان اقول لكاك عدنان بأني لاارى اي من الاشخاص اللذين كنت اتوقع حضورهم في مثل هذا المؤتمر المهم وكان رده "المهم عندنا هو ان يعقد الموتمر وتتسلط الاضواء على بعض الحاضرين".
كان هناك لجنتين لوضع وتنفيذ الخطة. لجنة
عليا ولجنة فنية, يمكن الرجوع الى اسماء اعضاء اللجنتين في كتاب الخطة والتي طبع
منها 500 نسخة ملونة منها بالعربية وعدد مماثل باللغات الانكليزية والكوردية.
الخطة دونت على 176 صفحة كبيرة ولكن ركاكة
الخطة ظهرت واضحة وجلية في الصفحات الاولى
حيث كتب مايلي" حسب الاحصاء العام لسنة 1966 فإن 66% من نفوس كوردستان
كانوا يعيشون في القرى و الريف ويتعايشون على الزراعة لكن النسبة هذه قد انخفضت انخفاضا ملحوظا ووصلت الى 16% في الاحصاء العام لسنة1986
" . الانخفاض الملحوظ هو 75% من نفوس القرى والارياف وخلال عقدين من
الزمن فقط.. في نفس الصفحات تفاجئنا الخطة بطموحات وعبارات كبيرة وغير قابلة
للتفيذ مثل"القطاع الزراعي هو رائد الانتعاش الاقتصادي والاجتماعي في
الاقليم" بينما يصر الذين على سدة الحكم في الاقليم بأن النفط هو الكل في
الكل. ورسالة الخطة هي تأمين الاكتفاء
الذاتي لكوردستان وياحبذا لو يتكرم الجهابذة الذين كتبوا الخطة, ويذكروا لنا اسم
دولة واحدة فى العالم امنت الاكتفاء الذاتي الغذائي.
بما ان المدة الزمنية للخطة الاستراتيجية
قاربت على الانتهاء ولم يحصل اي شىء ملموس. لذا لاجدوى من ترجمة التقييم و الجدوى للخطة الى
العربية او الكوردية .وما جاء في التقرير الذي اعددناه حول جدوى الخطة والطريقة غير
المهنية التي تم اعدادها وعدم الاخذ بالاعتبار
الظروف والواقع وتخصيص ميزانية خيالية
كانت معروفة للقاصي والداني بأن الحكومة غير مستعدة لتخصيصها لخطة تخص قطاع ليس من
اولويات الحكومة . سلمت تقرير الجدوى (39 صفحة) مع خطاب الى
مكتب رئيس الوزراء ووزارة الزراعة وكذلك الى جهات رسمية اخرى ذات علاقة يوم 3.5.2010
No comments:
Post a Comment